الجمعة، 27 يناير 2012

قاضى صدام وقاضى مبارك

فى حديث لجريدة الاهرام اقر القاضى العراقى رزكار محمد امين الذى بدأ محاكمة الرئيس صدام حسين بالضغوط التى مورست عليه لاصدار حكم باعدامه حتى قرر التنحى عن هذه المحاكمة وهذا نص خطاب تنحيه:

نص طلب التنحي عن محاكمة صدام حسين

السيد رئيس المحكمة الجنائية العليا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعــــــــــــد...
أتقدم بوافر التقدير والاحترام لسعادتكم وأقدم لكم كتاب استقالتي من إدارة محاكمة الرئيس صدام حسين والآخرين الذين معه, استقالة مسببة.. وللتاريخ فإنني أضع أسبابها بين أيديكم راجيا تحقيق العدالة في عراقنا الحبيب.
1- أنتم تعلمون سعادتكم مدي فداحة الضغوط التي تمارس علي إدارة المحكمة من قبل السلطة الحاكمة الحالية, ضغوط دولية وسلطوية لا يمكن للفرد ومهما يكن أن يتحملها, ولا يمكن لأي فرد يملك قليلا من الشرف أن يتقبلها.. فهؤلاء يا صاحب السعادة لا يريدون محكمة تحاكم الرئيس صدام حسين وأصحابه بل يريدون منا أن نأخذ دور ممثلين في مسرحية يتم تأليفها وإخراجها من قبلهم.
2- عظمة هذا الرجل صدام حسين وشيبته ووقاره, والحق الذي يقف به أمام المحكمة, تجعل إدارة المحكمة في موقف ضعف لا تحسد عليه وتجعلنا في حيرة من أمرنا وصراع كبير بين ضمير عاشق خالص مع بعضه لهذا الرجل العظيم وبين ما يملي علينا من رغبات لمجاميع طائفية لا تملك في تلك المحكمة غير الحقد والكراهية والطائفية.
3- وفوق عظمة هذا الرجل تأتي عظمة القانون والشرع الذي لا تملكه محكمتنا هذه, فلا قانون سابق يؤهلنا لنحاكم هذا الرجل, ولا قانون جديد يشرع لنا محاكمته علي أعمال قديمة, فانتهينا إلي شعور بأننا أصبحنا مفضوحين أمام ضمائرنا وعيون الشعوب الشريفة.
هذه أسباب, وهناك أسباب أخري كثيرة, قد استطيع أن اذكر منها; إجلالي وتقديري لشخص هذا الرجل وثقتي بنزاهته وتجرده من أطماع يتقاتل عليها الفرقاء. عليه أرجو قبول الاستقالة التي لا رجعة فيها ومهما كانت الأسباب... وكان الله في عون من سوف يجلس علي كرسينا هذا حتي ولو اختاروا بديلا مصنوعا من الخشب فو الله إن وقف هذا البديل أمام ذاك الرجل فسوف يحي فيه ضميره الخشبي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رزكار محمد أمين



واذا وضعنا هذا القاضى الجليل عندما يصف صدام حسين  بالرجل العظيم الوقور والحق الذى يقف به امام المحكمة فى مقارنة مع القاضى الذى يحاكم مبارك المستشار  احمد رفعت فماذا نتخيل كيف يرى المتهم امامه  وهو ممدد امامه على سرير
هل يرى انه عظيم ؟
هل يرى انه وقور ؟
هل يرى انه يحمل حقا او حجة تضع المحكمة فى حرج؟
هل يترك فى نفسه اى تقدير او احترام ؟
هل يشعر باى وخذ للضمير اذا حكم عليه باقصى عقوبة ؟

اعتقد ان ايا من هذه المشاعر لن تتسلل الى نفس القاضى

وهذا هو الفارق الكبير بين العظماء الذين يموتون واقفين فى عزة وشموخ  وتبقى ذكراهم عظيمة
وبين الجبناء الذين يموتون وهم مازالوا على قيد الحياة  ويستسيغوا الهوان وتلحقهم اللعنات

الجمعة، 13 يناير 2012

النخبة

لقد ابتلينا بفئة اقلية من البشر يطلقون على انفسهم (النخبة ) وهم فئة من المدعين بالمعرفة والخبرة والحنكة وبعد النظر 
وهذه الفئة تتغير فى كل عصر وتتلون باللون الفاقع والمستفز فى كل اوان
وقد كان هناك مقاييس لتوصيف ( النخبة ) فى العصر البائد وهم من يتحدثون باسم السلطان ويسبحون بحكمته وعظمته ليل نهار
اما الان فهناك (نخبة ) جديدة ترسم لنا الطريق الى الجنة وتحدد معالمه
والصفات المشتركة ل(النخبة) فى كل عصر هى :
-الصوت العالى لدرجة النشازوامتلاك وسيلة لاطلاق هذا الصوت لكى يصم اذاننا
-الاعتقاد بشدة انهم يعلمون ويدركون مالا يعلمه ولا يدركه العامة وينظرون الى العامة انهم قطيع يجب ان ينساق وراءهم
-التبارى فيما بينهم فى التطرف فى الرؤية والحدة فى الطرح ليثبت انه الافضل
-الاهتمام بالشكل والصورة وعدم الدخول فى القضايا الجوهرية
-اذا انتهت القضية التى يتصدون لها على غير طرحهم يقفزون الى اخرى فرعية ويتلونون ربما بلون جديد - المهم ان يظل صوتهم عالى ومنبرهم قائم
-ابتعادهم نتيجة هذه الصفات عن الحس الحقيقى للشارع وابتعاد الشارع عنهم

وطبعا (النخبة ) فى عهد المخلوع عرفناهم جيدا وانتهى عصرهم بالثورة العظيمة وقد كانوا ولله الحمد احد اهم الاسباب فى تأجيج النقمة منهم ومن سيدهم فقامت الثورة

اما (النخبة )التى ظهرت بعد الثورة فهم مجموعة من ( الخبراء الاستراتيجيين) و( اساتذة القانون والسياسة ) و( الاعلاميين القديرين) و(الفنانين المبدعين ) و(المثقفين المتميزين) و(النشطاء السياسيين والحقوقيين )

وهذه هى نوعية القضايا التى تبنوها وصرخو من اجلها:
1- المطالبة بالاحكام العرفية والمحاكمات العسكرية لمواجهة الانفلات الامنى والبلطجة عقب خلع المخلوع ثم صرخوا عند اول موقف لتضرر البعض والتباس مفهوم الحرية لديهم
2-الصراخ من اجل الدستور اولا ولم يستطيعوا ايصال حجتهم الى المواطن لأنهم كانوا يخاطبون انفسهم وتركوا المواطن الطبيعى يقتنع بكلمات اصغر امام مسجد فى الحارة المصرية
3-الصراع الممل من اجل المبادىء فوق الدستورية التى لم تقابل الا بالسخرية وضياع الوقت
4- المطالبة بتأجيل الانتخابات لانضاج شباب الثوار فى حين انهم يستمرون فى الالحاح على بقائهم فى الشارع فأضاعوا عليهم اهم مرحلة فى ثورتهم وهى انتقالهم من فعل عشوائى فى الشارع الى عمل مؤسسى ممنهج ومثمر
5-التصفيق الحاد للبطل الذى اعتلى السفارة الاسرائيلية وكأنه فتح عكا ثم اكتشافهم بعد ذلك انه عمل صبيانى مجرم وليس وراؤه الا الخسائر والتشويه لصورة الثورة
6-الاصرار على تأجيل الانتخابات البرلمانية لعدم توافر الامن وهم يعلمون انها لو تأجلت لمدة سنة سيبقى الحال على ما هو عليه اذا لم تحل المواقف سياسيا
7-الهجوم الشنيع على الدكتور الجنزورى عند توليه الوزارة ولم يقل لنا احد منهم ما هو البديل الافضل وهروب الجميع من هذه المسئولية الثقيلة
8-بعد وصول الانتخابات الى الصورة الواضحة والتى تثبت فشل كل ما طرحوه بدأوا نشر الرعب من وصول الاسلاميين واصبحت كل قضايانا الهامة هى الحجاب والشواطىء وروايات نجيب محفوظ والنوادى الليلية  ومقابلة نقيب التمثيليين او عمار الشريعى مع الاخوان
9-والآن المعضلة الجديدة هى (هل 25يناير احتفال ام ثورة ؟) والتبارى فى الاقتراحات لموعد انتخابات الرئاسة : 25 يناير -1فبراير-15فبراير -1مارس- 15مارس -15 ابريل ------- ولم يقل احد منهم ما هى الفائدة العظيمة  وما هى الوسيلة لتنفيذ هذه المقترحات وسط زحام المتطلبات القائمة


الآن وقد تمت الانتخابات وانجحها الشعب وتم تشكيل البرلمان الشرعى ( رغم ادعاء بعضكم انه لا يمثل الشرعية ) فعليكم ان ترحمونا من صراخكم وتتركوا الشعب الحكيم ان يكمل هذه المرحلة الصعبة ليبدأ فى تذوق ثمار ثورته ( وليس ثورتكم )  ولتبحثوا لانفسكم عن منابر اخرى يمكن ان تلقى كلماتكم فيها اى صدى